كيف يمكن للموارد الرقمية في المكتبات أن تنشئ تجربة أفضل للمستفيدين؟

. . ليست هناك تعليقات:

 


تظل المكتبات من المصادر القيمة للمعرفة والمعلومات، على الرغم من أن النظرة التقليدية للمكتبة كمكان لتخزين الكتب التي يمكن استعارتها لا تزال راسخة في أذهان الكثيرين. ولكن في ظل التطور التكنولوجي الحالي، تطورت المكتبات لتقدم تجارب أكثر تأثيرًا وفعالية لمستخدميها، من خلال تقديم خدمات متقدمة تتناسب مع العصر الحديث، وإتاحة الموارد الرقمية كأداة للحصول على المعلومات بشكل مرن، وخاصة مع التحول الرقمي الملموس خلال الآونة الأخيرة وتبني الكثير من المكتبات المزيد من التكنولوجيا وخاصة مع ظهور "كوفيد 19" والتي اضطرت فيه المكتبات إلى تبني التكنولوجيا بمعدل أسرع من أي وقت مضى، سواء تعلق الأمر بالتحول الرقمي ومستويات أعلى من الأتمتة، كما ذكرنا في مقالنا بمدونة الفهرس لشهر يناير 2022 بعنوان (تأثير الفراشة في أزمات المكتبات) وكيف أغلقت المكتبات أبوابها وكيف تعاملت إزاء الموقف برشاقة، ففي غضون فترة سريعة قدمت المكتبات خدماتها بشكل رشيق عبر الإنترنت دون أن يشعر المستفيدين بتغيير كبير، فقد استخدم الموظفون طرقًا إبداعية لضمان حصول المستفيدين على الموارد اللازمة، وتحديداً عن طريق زيادة مجموعات الكتب الرقمية وملفات الفيديو، وتقديم خدمات عن بعد، وتزويد الطلاب والباحثين بإمكانية الوصول إلى قواعد البيانات من المنزل، وتقديم خدمات الدردشة لمساعدة المستفيدين في العثور على موارد للبحث، وغيرها من الخدمات وموارد المعلومات التي بدأت المكتبات في بثها. وبالإضافة إلى تقديم المزيد من الموارد الرقمية، يتوقع العاملون في المكتبة أن تشمل أدوارهم المزيد من التكنولوجيا في المستقبل القريب. ووفق استطلاع رأي 1627 مشاركًا في 77 دولة أو إقليم  قامت به (OCLC) في الفترة من 9 يناير إلى 31 مارس 2023  حول توقعاتهم للتغير الذي طرأ على تجربة المكتبات خلال العقد المقبل.

ومن بين المشاركين في المكتبات العامة الذين شملهم الاستطلاع، قال 62% إنهم يتوقعون زيادة في استخدام التكنولوجيا للتسويق والاتصالات، و53% لتحليل المجموعات، و52% لتحليلات البيانات، و50% لإدارة الأحداث.

 

توفير الوصول إلى الموارد الرقمية

لقد أوجد الإنترنت فرصًا هائلة من حيث الوصول إلى المعرفة ونمو المكتبات الرقمية وإنشاء وفرة من الموارد العالمية المتاحة ونمو المحتوى الإلكتروني، ويدعم في ذلك التطور السريع في تقنيات حفظ المعلومات ورقمنتها واستعراضها والبحث فيها، إضافة إلى توفر الإنترنت كبنية تحتية يمكن بواسطتها الربط بين المستخدم وبين المكتبات الرقمية المختلفة موفرة بذلك فضاءا معلوماتيا رحبا يعادل في أهميته فضاء الإنترنت السائد اليوم.

تهدف المكتبات إلى توفير الوصول الشامل إلى الموارد الرقمية لتلبي الاحتياجات المتقدمة للمجتمع المنجذب للتكنولوجيا من خلال توفير مجموعة واسعة من الموارد الرقمية، بما في ذلك الكتب الإلكترونية، والكتب الصوتية، والمجلات الرقمية، وقواعد البيانات.

تتيح هذه الموارد الرقمية للمستخدمين الوصول إلى مجموعة واسعة من المواد القابلة للقراءة والاستخدام من أي مكان وفي أي وقت. ويمكن للمستخدمين أيضًا استعارة هذه المواد وإعادتها عبر الإنترنت، مما يلغي الحاجة إلى زيارة المكتبة الفعلية. وقد حرصت منظمة الإفلا على إرساء مجموعة من المبادئ تهدف إلى توجيه المكتبات في توفير خدمات إعارة الكتب الرقمية بطريقة عادلة ومتوازنة للجمهور، حيث تعتبر الموارد الرقمية فرصة هامة للمكتبات لتوسيع نطاق خدماتها والتواصل مع أعضاء المجتمع بشكل أفضل.

 

المجلات والصحف

تشترك العديد من المكتبات في منصات رقمية للاطلاع على المطبوعات والمجلات مثل PressReader،  وذلك بفضل شراكتها مع الآلاف من ناشري الصحف والمجلات حول العالم. تتيح المنصة على أجهزة الحاسب المكتبية واللوحية قراءة آلاف الصحف والمطبوعات والمجلات بما يصل إلى أكثر من 7,000 صحيفة ومجلة من أكثر من 100 دولة ومنشورة بـ 60 لغة مما يساعد المستفيدين ذوي الاحتياجات المتنوعة في المكتبة من الوصول عن بعد ومن أي مكان وفي أي وقت عبر أجهزتهم الخاصة  للعديد من الموارد الإلكترونية، فضلا عن إمكانية التحكم في أحجام الخطوط القابلة للتعديل وإمكانيات تحويل النص إلى صوت وغيرها، حيث تضمن هذه السمات قيمة إضافية في قراءة المحتوى الرقمي. نجد مكتبة قطر الوطنية مثال للمكتبات العربية التي تقوم بالاشتراك في PressReader ، فبمجرد الدخول على الموقع، أو التطبيق الرسمي للمنصة، ثم اختيار اسم المكتبة المنتسب إليها المستفيد، ومن ثم رقم بطاقة العضوية بالمكتبة وكلمة المرور؛ يتيح التصفح والقراءة الشاملة للمطبوعات المتاحة بالمنصة.


خطوات التصفح في Press Reader بمكتبة قطر الوطنية

خدمات الوسائط المتدفقة (البث الحي)

تقدم العديد من المكتبات خدمات (Streaming Media) لمستفيديها، مما يوفر الوصول إلى مجموعة واسعة من المحتوى الرقمي، بما في ذلك المحاضرات والبرامج التلفزيونية والأفلام الوثائقية والكتب الصوتية. قد تتطلب المكتبات من المستفيدين الحصول على بطاقة العضوية أو حساب محدد للوصول إلى هذه الخدمات. من المكتبات التي تقوم بتقديم هذا النوع من الخدمات هي مكتبة جامعة ستانفورد الأمريكية، حيث تقوم بالاشتراك مع (Kanopy) التي تتيح مجموعة واسعة من الأفلام والسينما الكلاسيكية والأفلام الوثائقية والمحتوى التعليمي للمكتبات العامة والأكاديمية، حيث تتيح لأكثر من 4000 مكتبة و158 مليون حامل بطاقة عضوية حول العالم مشاهدة الأفلام الوثائقية والمحتوى التعليمي.



تتيح أيضا مكتبة جامعة ويسكونسن-ميلووكي، الولايات المتحدة الأمريكية عدد محدد من مواقع الويب التي تقدم محاضرات وبرامج فيديو مجانية. قد يتطلب بعض الخدمات نسخة تجريبية مجانية أو يتطلب إنشاء حساب مجاني للوصول إليها، مثل :

توفير الوصول لقواعد البيانات

توفر المكتبات الوصول إلى مجموعة متنوعة من مواردها وقواعد بياناتها. ويمكن للمستخدمين إدخال مصطلحات البحث والاطلاع على النتائج المصممة خصيصًا للعرض على الأجهزة المحمولة. تتضمن هذه الخدمة فهرس المكتبة المتاح على الخط المباشر، أو البحث المتكامل،  أو البحث عن المستندات الأصلية مما يؤدي ذلك إلى توسيع نطاق وصول المكتبة إلى ما هو أبعد من موقعها الفعلي ويضمن وصول المستفيدين إلى نطاق أوسع من الموارد الرقمية. مثل قاعدة بيانات " PubMed" للأجهزة المحمولة والتي تكون بمثابة بوابة ويب متنقلة من أجل الوصول إلى قاعدة البيانات الطبية "ميدلاين"  .



 

المحفوظات الرقمية

تقوم بعض المكتبات برقمنة مجموعاتها الخاصة والوثائق التاريخية والمحفوظات المحلية والمواد النادرة والهشة، مما يجعلها متاحة عبر الإنترنت للبحث والاستكشاف ويضمن الحفاظ عليها، وعندما تقوم المكتبات برقمنة المواد النادرة والفريدة من نوعها فإنها توفر وصولا أوسع  إلى المواد التي ربما كانت مقيدة سابقًا بالعرض المباشر. ونجد مثال على ذلك المخطوطات الرقمية بجامعة الملك سعود، حيث تحتوي على مجموعة من المخطوطات والوثائق التي يكتسب بعضاً منها ندرته سواء من المضمون العلمي أو الحالة الفنية أو الجانب التاريخي، أو منها مجتمعة.

 


التواصل الرقمي

تتبع بعض المكتبات أساليب مختلفة لإبقاء المستفيدين على اطلاع دائم بأحدث وخدمات المكتبة واتجاهاتها مثل، إجراء ندوات عبر الإنترنت حول موضوعات مختلفة، كتابة التدوينات، وتحديث الموقع الإلكتروني للمكتبة، رفع مقاطع فيديو على يوتيوب، توفير إمكانية الوصول إلى المنصات عبر الإنترنت التي تتضمن ميزات للمستخدمين للانضمام إلى نوادي الكتب والمشاركة في المناقشات ومشاركة التعليقات التوضيحية. وهذا يعزز الشعور بالانتماء للمجتمع بين القراء ويعزز الجوانب الاجتماعية للقراءة.

الأحداث الافتراضية

تقوم بعض المكتبات بإجراء جولات افتراضية أو تقديم محادثات للمؤلفين وأحداث أخرى من خلال منصات مثل ززوم  أو  سكايب، حيث تتمتع الزيارات الافتراضية بأنها أسهل في تحديد موعدها مقارنة بالزيارة الشخصية، وغالبًا ما تكون الزيارات الافتراضية أقل تكلفة من الزيارة الشخصية، وهذا من وجهة نظر تقنية، أما من حيث المرود الإيجابي للمستفيدين، فهذه  الزيارات يكون لها أثر إيجابي على الجمهور في تشجهعيم على القراءة وخاصة طلاب المدارس، فتقول اختصاصي المكتبات جينيفر لويس " أن أكبر فائدة لزيارات المؤلفين للطلاب في المدارس أن الطلاب يقرؤون المزيد  من الكتب" وهذا يعمل على تحسين مهاراتهم وبناء مفراداتهم اللغوية وتعزيز الذكاء والإبداع والثقة، فضلا على تحسين أدائهم في المدرسة - ليس فقط في القراءة والكتابة، ولكن في جميع المواد، فعندما يناقش المؤلف الكتابة والعملية الإبداعية، يتواصل الطلاب مع الكلمة المكتوبة بطرق جديدة تمامًا، وتصبح الكتب كائنات حية، وليست تحفًا مجردة، حيث يتعرف الطلاب على الرحلة من الفكرة إلى النشر كما يرويها الإنسان الذي جمعها، وهذا يولد الحماس ليس فقط لقراءة المزيد من الكتب، ولكن أيضًا لمجموعة متنوعة من الكتب.



أحد النماذج للأحداث الافتراضية هو نشاط (Mystery Skypeحيث يربط فصل دراسي بآخر  في منطقة جغرافية من العالم من خلال مكالمات الفيديو المتاحة في سكايب، حيث ينصب تركيز النشاط على جعل الطلاب يخمنون مكان الفصل الدراسي في العالم بناءً على معرفتهم بالجغرافيا والثقافة باستخدام الأسئلة التي يمكن الإجابة عليها بـ "نعم" أو "لا" حتى يصل أي من الفصول المشتركة في تحديد موقعهم الجغرافي، مستخدما في ذلك الخرائط والأطالس وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، وخرائط جوجل وأجهزة iPad وتطبيق (National Geographic World Atlas)  للمساعدة في تضييق نطاق الموقع،  وبهذا يربط الطلاب بالمدارس الأخرى حول العالم ويعرض المكتبة في ضوء مختلف عما اعتاد الطلاب عليه. شاهد الفيديو التالي لمشاهدة أنشطة Mystery Skype.


Mystery Skypeيربط الفصول الدراسية في جميع أنحاء العالم‏

دعم البحث العلمي في العصر الرقمي

تتنوع المكتبات في إتاحتها في للموارد الرقمية لدعم البحث العلمي والعملية التعليمية، حيث يمكن للطلاب والباحثين الوصول إلى المجلات العلمية وقواعد البيانات الأكاديمية والمصادر المفتوحة، ومناهج التدريس المفتوحة (OCW)، المصادر التعليمية المفتوحة (OERs)، و الندوات عبر الإنترنت، والفصول الدراسية الافتراضية، والمعرف المفتوح للباحثين والمساهمين (ORCID)، والمواقع التي تساعد على الاستشهادات المرجعية مثل  : Mendeley ، وZotero التي توفرها المكتبات عبر مواقعها الرسمية، وتعد خدمات المعلومات الشاملة عبر الإنترنت، إلى جانب الوصول إلى برامج إدارة الاستشهادات، مفيدة بشكل خاص للطلاب وغيرهم من مستخدمي المكتبات الأكاديمية. تتنوع المكتبات في إتاحتها في للموارد الرقمية لدعم البحث العلمي والعملية التعليمية

 


تقديم دورات ورش عمل تدريبية

غالبًا ما تقدم المكتبات ورش عمل ودورات تدريبية حول موضوعات تكنولوجية مختلفة، بما في ذلك البرمجة ومحو الأمية الرقمية والأمن السيبراني.ويعد موضوع المواطنة الرقمية من المواضيع الشائعة والتي تحتاج إلى استضافة أحداث تعليمية أو مناظرات حولها أو تقديم إرشادات مباشرة للمستفيدين حول الأمان على الإنترنت والمواطنة الرقمية لزيادة الوعي بها والترويج لها في المكتبة، وعلى الصعيد الأخر ينبغي لاختصاصي المكتبات العمل على تنمية مهاراته وكيفية استثمار قدراته ومؤهلاته ومهاراته في العمل بها بشكل ينسجم مع متطلبات واحتياجات المستفيدين النهائيين ليكونوا قادة في العصر الرقمي.



تمكين الوصول المجاني إلى الإنترنت وتجهيزات الكمبيوتر

توفير مساحات مجانية وآمنة للوصول إلى شبكة Wi-Fi وأجهزة الكمبيوتر والأجهزة من خلال المكتبات ومراكز المعلومات، فعلى سبيل المثال مكتبة جامعة الملك عبد العزيز  توفر  أجهزة حاسب آلي، موصلة بشبكة الإنترنت، متوافرة في المكتبة المركزية وكافة فروعها، بهدف تسهيل البحث للمستفيدين. كما يمكن للمستفيدين إحضار أجهزة الحواسيب الشخصية (المحمولة) واستخدامها لتوافر شبكة الإنترنت في أنحاء المكتبة من خلال (Wi-Fi) مما يعمل على تقديم تجربة غنية وأكثر شمولا للمستفيدين وتوسيع نطاق وصولوهم وتوفير وصول سهل إلى المعلومات في العصر الرقمي

 

المساحات الإبداعية

تقدم العديد من المكتبات لروادها مساحات إبداعية للمستفيدين والطلاب للمشاركة في موضوعات العلوم التكنولوجية والهندسة والرياضيات (STEM) وذلك من خلال توفير مجموعة واسعة من موارد الوسائط من الكتب والدوريات وأقراص دي في دي وأجهزة iPad وأجهزة الكمبيوتر، إضافة إلى توفير مختبرات الوسائط ومراكز التكنولوجيات والمساحات الإبداعية Makerpace وموادها، فمن خلال هذه المرافق، يمكنهم توفير الوصول العادل إلى برامج التصميم الجرافيكي، وتحرير الفيديو ومعدات إنتاج الوسائط، وغيرها من الأدوات الإبداعية للمستفيدين. مما يفسح المجال بشكل طبيعي للإبداع والاستكشاف للمستفيدين.


 

وختاما، يمكننا القول أن المكتبات ستظل مستمرة في التكيف وتوسيع عروضها الرقمية وإنشاء تجربة أفضل للمستفيدين لتلبية الاحتياجات والاهتمامات المتنوعة لمجتمعاتها في العصر الرقمي، ولا تعمل هذه الموارد الرقمية على تعزيز الوصول إلى المعرفة فحسب، بل تعزز أيضًا التعلم مدى الحياة ومحو الأمية الرقمية بالإضافة إلى ضمان أن تكون المكتبة مؤسسة ذات صلة وحيوية في المستقبل.

 

المصادر

خدمات المكتبة : جامعة الملك عبد العزيز

IFLA Principles for Library eLending

Kanopy for Librarians

Kanopy :  Stanford University

Free Streaming Services

Open Educational Resources (OER)

How digital resources at libraries can create a better experience for patrons

PubMed4Hh : [app].

Make Virtual Author Visits Using Skype [Skype Video Conference]

5 Ways to Use Skype in the Library

Open Educational Resources (OER)

NYPL TechConnect Classes

Makerspaces at EPL

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Translate

نافذة العالم على ذاكرة الأمة العربية

أقسام المدونة

المشاركات الشائعة

موضوعات الشهر

اتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة