يعد حق الوصول للمعرفة والانتفاع بها من حقوق الإنسان
التى باتت أساسية بصرف النظر عن أي اعتبارات أخرى، كما أن هذا الحق يدعم أهداف التنمية
المستدامة لمختلف المجتمعات، وقد وقامت اليونسكو بتحديد يوم 28 سبتمبر من كل عام
للاحتفال باليوم الدولي لتعميم الانتفاع بالمعلومات
([1])
والتي ترغب من خلاله في بث الوعي بأهمية الحق في الانتفاع بالمعلومات من أجل تحسين
حياة المواطنين وتعزيز المبادرات التي من شأنها تعميم الانتفاع بالمعلومات لدى
المجموعات السكانية وفي البلدان المتضررة من فجوات المعارف لأن التمكن من الحصول
علي المعلومات والانتفاع بها أحد العوامل الرئيسية التي تتيح المضي قدما في تنفيذ
خطة التنمية المستدامة 2030. كما يأخذ في الحسبان
الجهود التي بذلتها اليونسكو من أجل إبراز جدوى وأهمية الحق في الانتفاع
بالمعلومات في إعلان بريسبان بشأن حرية الانتفاع بالمعلومات : الحق في المعرفة
(٢٠١٠) ([2])،
وإعلان مابوتو بشأن تعزيز حرية التعبير والانتفاع بالمعلومات وتمكين الناس (2008) ([3])،
وإعلان داكار بشأن وسائل الإعلام والحوكمة الرشيد ([4]).
وعلى الصعيد الآخر تلعب المكتبات دورًا أساسيًا في ذلك
باعتبارها بوابات للمعرفة والثقافة، وتشكل الموارد والخدمات التي تقدمها فرصًا
للتعلم، ودعم لمحو الأمية، وتساعد في تشكيل الأفكار ووجهات النظر الجديدة التي هي
أساسية لمجتمع مبدع ومبتكر.
كما أن المكتبات تساعد في ضمان وجود توثيق حقيقي
للمعرفة التي أنشأتها وراكمتها الأجيال السابقة والحالية. وفي عالم خالٍ من
المكتبات سيكون من الصعب تطوير البحث والمعرفة البشرية أو الحفاظ على المعرفة
التراكمية والتراث العالمي للأجيال القادمة. وتهدف أي مكتبة إلى الجمع بين
المستفيد وأوعية المعلومات التي من شأنها أن تلبي احتياجاته من المعلومات، وللقيام
بهذا العمل يجب أن يكتسب المكتبي الأدبيات الأولية لتخزين وتنظيم أوعية المعلومات
فضلا عن القيام ببعض الوظائف الأخرى الثانوية عن طريق تجميع الكتب الأكثر قراءة أو
الكتب الواردة حديثا إلى المكتبة، وتوفير خدمات ببليوجرافية شاملة ومحدثة تتيح
للمستخدمين الوصول إلى المعلومات والإفادة منها وتوظيفها في التعليم والتعلم
والبحث العلمي والدراسات وحل المشكلات. هذا بالإضافة إلى العديد من الخدمات
المتعددة التي تقدمها المكتبات في سبيل توفير حياة آمنة وذات جودة عالية.
ومع ظهور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المكتبات، واجه المكتبيون تحديات حقيقية ومتجددة، ولابد من التسلح بمهارات حديثة لمواكبة التطورات التكنولوجية التي تطرأ على المجال. فمع تغير طبيعة أدوار أخصائي المكتبات، تتغير كذلك التحديات التي تواجه قواعد التعامل بالمكتبة. فأصبحت الخدمات التي يقدمها المكتبيون الآن تتجاوز بكثير توفير الحصول على مواد المكتبة وترتيبها فقط، وذلك نتيجة للنمو السريع في المعلومات والمعرفة، ويعمل المكتبيون والمتخصصون في مجال المعلومات باستمرار على تطوير طرق للتعامل مع التوقعات المهنية. فقد شارك كل من (Ogunsheye) و(Aiyepekun) بوصف الوظائف المتغيرة لأخصائي المكتبات بسبب التغيرات في طريقة نقل المعلومات([5])، فمع ظهور الإنترنت أدى إلى كثير من مؤسسات المعلومات احتياجها إلى اختصاصيين قادرين على التعامل مع هذه التطورات مثل : تصميم قواعد المعلومات وإدارتها، والبرمجة والبحث عن المعلومات واسترجاعها في البيئة الرقيمة، وتحليل النظم، وإدارة الشبكات، وتطوير المواقع ([6]) ؛ حيث كان المستفيد في السابق ينظر في كتاب أو مجلة واحدة في كل مرة. أما في الوقت الراهن، فيمكن تخزين المعلومات الإلكترونية والوصول إليها من قبل ملايين المستخدمين في وقت واحد من أجهزة الكمبيوتر الشخصية أو الحاسبات أو الهواتف المحمولة من خلال اتصالات الإنترنت المباشرة من المنزل أو العمل أو من أي مكان أخر. ولم يعد يتعين على المستفيدين زيارة المكتبة فعليًا لاسترداد المعلومات، فقد توفر هذه القدرة للوصول إلى موارد النصوص الكاملة إلكترونيًا من داخل المؤسسة أو من أي جهاز كمبيوتر للمستخدم وصولاً مريحًا وفوريًا إلى المعلومات، كما توفر المكتبات الاستخدام الموسع للإعارة بين المكتبات وتسليم المستندات والوثائق وإمكانية توفير الوصول إلى المواد بدلاً من المواد المملوكة محليًا فقط. ومن ثم فقد شهدت المكتبات وهي بمثابة الوصي على المعرفة والمعلومات تحولًا نموذجيًا من منهجيات معالجة المعلومات التقليدية إلى المنصات التكنولوجية، فقط قدمت المكتبات على مدار القرون الماضية أدوارا رئيسية في الانتفاع بالمعرفة والمعلومات ومن ضمنها:
1. دعم الثقافة والتعليم
تعد المكتبات مساندة للمؤسسات التعليمية، حيث توفر فرصًا تعليمية لا حصر لها يمكن أن تغذي التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فضلا عن أنها تُعدُّ مصدراً مهماً من مصادر تشكيل ثقافة المجتمع فيما تقدّمه للأفراد من فرص للتواصل وتعلم مهارات اكتساب المعرفة، وتحدٍ للفرضيات، وبحثٍ عن الحقائق، وتبادل لوجهات النظر. فالمكتبة تتيح للفرد فرصة للتعلم الذاتي الذي يخلق منه فرداً مبدعاً ومطلعاً على قضايا مجتمعه ومحيطه، وهو الأمر الذي ينتج عنه ثقافة راقية وخاصة تميّز كل مجتمع عن المجتمعات الأخرى. ([7])
2. إتاحة المعارف
العالمية المختلفة
تُعد المكتبات جانبًا أساسيًا من البنية التحتية الأساسية التي تدعم التعليم والوظائف ونمو المجتمع، فتتيح المعلومات الملائمة في جميع أشكالها سواءً كانت في شكل مخطوطة، أو مطبوعة، أو مسموعة ومرئية، أو رقمية، كما تقدم المكتبات الدعم الرسمي وغير الرسمي للتعلم مدى الحياة كما تقوم بحفظ التراث الخاص بالفلكلور والعادات والمعلومات الأصلية والأولية. فعندما رمت سياسات المعلومات إلى تحسين الاتصال الهاتفي وإمدادها بشبكة واسعة وفائقة السرعة فقد كانت المكتبات هي الشريك الطبيعي؛ لتوفير الإتاحة للمعلومات وتكنولوجيا الاتصالات وشبكات مصادر المعلومات.([8])
3. الحفاظ على
التراث الثقافي والإنسانى
تلعب المكتبات دورا هاما في حفظ الإرث الثقافي الخاص بكل مجتمع، حيث يشكل الإرث الثقافي عنصراً أساسياً من عناصر الثقافة التي لا تقوم إلّا بها. ودعما للهوية الثقافية الخاصة بالمجتمع، فتقوم المكتبات وبالأخص المكتبات الوطنية بجمع واقتناء مصادر التراث المطبوع والمخطوط والحفاظ على المخطوطات والكتب النادرة والمصادر التراثية وتنظيم عملية البحث بها، فضلا عن نشر المعلومات والإصدارات الخاصة عنها، وإقامة مشاريع التحويل الرقمي والحفظ طويل المدى للمخطوطات والكتب النادرة والمصادر التراثية، كما تتبنى برامج صيانة ومعالجة وتعقيم وترميم المصادر التراثية.([9])
4. حق الحصول الرقمي على موارد المعلومات
لقد أوجد الإنترنت فرصًا هائلة من حيث الوصول إلى المعرفة من حيث نمو المكتبات الرقمية وإنشاء وفرة من الموارد العالمية المتاحة ونمو المحتوى الإلكتروني، ويدعم في ذلك التطور السريع في تقنيات حفظ المعلومات ورقمنتها واستعراضها والبحث فيها، إضافة إلى توفر إنترنت كبنية تحتية يمكن بواسطتها الربط بين المستخدم وبين المكتبات الرقمية المختلفة موفرة بذلك فضاءا معلوماتيا رحبا يعادل في أهميته فضاء الإنترنت السائد اليوم. ([10])
5. احترافية خزن وتنظيم واسترجاع المعرفة
تقوم المكتبات ومراكز المعلومات بتنظيم وترتيب وحماية المعرفة، حيث يتم تشييد المعرفة بطريقة نظامية، يمكن من خلالها أن تبنى بناء وظيفياً يسمح لأي فرد في المكتبة من استرجاع المعلومات الضرورية منها بشكل سريع وكفء ومناسب. كما يتم استغلال تقنية المعلومات والأنظمة الداعمة لتحقيق ذلك من خلال الاشتراك في قواعد ونظم المعلومات المتخصصة بالإضافة إلى الاشتراك مباشرة عبر الإنترنت. وهذه الأخيرة أصبحت من مستلزمات مؤسسات المعلومات وذلك لتحقيق التكامل المعرفي. يضاف إلى ذلك أن معظم مؤسسات المعلومات منذ أواخر السبعينيات ومطلع الثمانينيات ومع تطور أجهزة الحاسوب والاتصالات، ولصعوبة استجابة مؤسسات المعلومات لاحتياجات المستفيدين المتجددة والمتزايدة، فإنها سعت إلى تحقيق التكامل المعرفي عبر المشاركة بمصادر المعلومات والبرامج التعاونية لاستغلال المعرفة المتواجدة والمتوافرة في مكتباتها وفي هذه العملية يبرز دور أخصائي المعلومات من خلال تنظيم المجموعة المكتبية بما في ذلك فهرستها وتصنيفها وتوحيد مقاييس التنظيم بالاعتماد على خطط مقننة وكل ذلك يتجمع في قسم الفهرسة والتصنيف.
6. إتاحة تقنية المعلومات لتسهيل الوصول
للمعرفة
تلعب تقنية المعلومات في
المكتبة دورا مهما في تسهيل وتيسير الاستفادة من المعلومات الموجودة في المكتبة،
حيث أصبحت موزعاً إلكترونياً للمعرفة لمن يطلبها من أي مكان يتواجد فيه القارئ، فضلا
عن إسهامها في سرعة وصول المعرفة لمن
يحتاجها وسرعة استخدامها وتطبيقها في العديد من القضايا كحل المشاكل واتخاذ
القرارات المناسبة. ([11])
المصادر.
1.
العثيمن،
إقبال ناصر & السريحي، منى داخل. دور مؤسسات المعلومات في حفظ التراث الوطني دراسة
لمكتبة الملك فهد الوطنية ومكتبة الكويت الوطنية. استرجعت 11/10/2020. متاح على https://www.slideshare.net/MaktabatonLine/ss-76203768
2. الاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات.
بيان الإفلا عن المكتبات و التنمية. استرجعت 11/10/2020. متاح على https://www.ifla.org/node/8498
3. مروان، محمد. أهمية
المكتبة. استرجعت 11/10/2020. من https://mawdoo3.com/%D8%A3%D9%87%D9%85%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%83%D8%AA%D8%A8%D8%A9
4.
الضويحي،
فهد بن عبد الله. إدارة المعرفة في المكتبات ومراكز المعلومات : النظرية والتطبيق
.- Cybrarians Journal.-
ع 20، سبتمبر 2009 .- استرجعت 11/10/2020 . من http://www.journal.cybrarians.info/index.php?option=com_content&view=article&id=457:2011-08-11-22-22-29&catid=133:2009-05-20-09-50-11&Itemid=61
5. اليونسكو. اليوم الدولي لتعميم الانتفاع بالمعلومات. استرجعت 15/10/2020. من https://ar.unesco.org/commemorations/accesstoinformationday
6.الكميشي، لطفية علي. أخصائي المعلومات
ومهارات العصر الرقمي. استرجعت 15/10/2020. من http://erepository.cu.edu.eg/index.php/ARTS-Conf/article/view/6620/6510
7. Abdulsalami, L. T. &
Okezie, Q. I. & Agbo, A. D. The role of the library in the
promotion of knowledge societies in Nigeria. Retrieved 11/10/2020
. from https://www.imedpub.com/articles/the-role-of-the-library-in-the-promotion-of-knowledge-societies-in-nigeria.pdf
8. White, Ben. Guaranteeing Access to Knowledge: The
Role of Libraries. Retrieved 11/10/2020
. from https://www.wipo.int/wipo_magazine/en/2012/04/article_0004.html
9. UNESCO . Maputo Declaration. Retrieved 11/10/2020
. from http://www.unesco.org/new/en/unesco/events/prizes-and-celebrations/celebrations/international-days/world-press-freedom-day/previous-celebrations/worldpressfreedomday2009001/maputo-declaration/
10. UNESCO .Dakar Declaration. Retrieved 11/10/2020
. from http://www.unesco.org/new/en/unesco/events/prizes-and-celebrations/celebrations/international-days/world-press-freedom-day/previous-celebrations/worldpressfreedomday200900000/dakar-declaration/
11. UNESCO . Brisbane Declaration. Retrieved 11/10/2020 . from http://www.unesco.org/new/en/unesco/events/prizes-and-celebrations/celebrations/international-days/world-press-freedom-day/previous-celebrations/2010/brisbane-declaration/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق