"يجب أن تكون المكتبات أشبه
بالمقاهي" أحد العناوين الرئيسة التي نشرت عقب تقرير المكتبات المستقلة لإنجلترا في عام
2014 من قبل الإدارة الرقمية والثقافة
والإعلام والرياضة بوزارة الإسكان والمجتمعات والحكومة المحلية بالمملكة المتحدة ؛ حيث تمكنت
للأسف من التقليل من أهمية التخطيط الحيوي لمستقبل خدمة المكتبات في
المملكة المتحدة،
والاقتراح المعقول الذي قدمه معد التقرير (وليام سيجارت) ولجنته بأن جميع المكتبات
العامة يجب أن يكون لديها اتصال (WiFi) مع توفير وسائل الراحة المعتادة من القهوة والآرائك المريحة،
بالإضافة إلى تقديم خدمات جديدة تجعل المكتبة مركزًا مجتمعيًا نابضًا بالحياة . وعلى
غرار ذلك قامت بعض المكتبات بتأسيس مساحات تعلم بنمط مختلف من البيئات غير الرسمية (بما في ذلك مقهى المكتبة) لتوفير
مكان مريح وجذاب للطلاب والباحثين يستمتعون فيه بالمحادثة مع فنجان من القهوة
وشبكة من واي فاي ومقاعد أكثر راحة، تشجيعا للطلاب على البقاء والتحدث بشكل غير
رسمي خارج الفصول الدراسية والتي يمارسون فيها
مجموعة كبيرة ومتنوعة من أنشطة التعلم النشط، وفرصة
للطلاب والباحثين بالبقاء لفترة أطول داخل المبنى للقراءة والمحادثة وتبادل
المناقشات والتواصل الاجتماعي أثناء تناول المشروبات، كما سيكون من الناحية
المثالية دعوة مفتوحة للاستفادة من وظائف المكتبة الأخرى، بالإضافة إلى نقل شعور
ثقافة التعلم ؛ حيث تتواجد مقهي المكتبة كمكان مشترك بقواعد سلوكية مختلفة تلبي
احتياجات شرائح المجتمع المتنوعة لتكون نقطة التقاء الباحثون ومجموعات الطلاب معًا
- يشاركون الأنشطة في أشكال مختلفة من الشبكات الاجتماعية والتعلم، ويشاركون
معارفهم بطرق منظمة أو غير منظمة، بالإضافة إلى بناء تفاهمات مع بعضهم البعض بشكل
متبادل. وقد أجرت العديد من المكتبات الجامعية تغييرات مختلفة لجذب المزيد من
الزيارات المادية إلى المكتبة مرة أخرى، بعد أن أصبح الوصول المادي إلى موارد
المكتبة أقل أهمية، وذلك مع انتشار استخدام الأجهزة المحمولة في التعلم المتنقل،
ولأن الطلاب اليوم يستطيعون الحصول على موارد المكتبة في أي وقت، وفي أي مكان على
مدار 24 ساعة خلال أيام الأسبوع ؛ حيث قاموا بتجديد مساحات التعلم المادية مثل : استبدال
أرفف الكتب بالمناطق المصممة حديثًا للوظائف متعددة الأغراض على سبيل المثال غرفة
الدراسة الفردية، وغرف الاجتماعات. كما وفرت المكتبات أيضا مجموعة متنوعة من
مساحات التعلم لاحتياجات الدراسة المختلفة لمتعلمي اليوم، فإن التعلم غير الرسمي
والمناقشات الجماعية أصبحت شائعة في المساحات الخاصة بمشاع التعلم أو مساحات
التعلم والمقاهي ؛ حيث قد يكون التعلم التعاوني بين الأقران أكثر فعالية وإبداعًا.
لماذا اتجهت المكتبات بتوفير خدمات القهوة داخل المساحات
المعرفية؟
القهوة ليست مجرد مشروب، بل هي ثقافة كاملة، وجزء من حياتنا
الاجتماعية، ولا ترمز كلمة "قهوة"
إلى المشروب المجرد، وإنما تعني في الوقت ذاته تجمع اجتماعي يناقش فيه الناس
أمورهم الحياتية، أو يتحدثون في الأمور الجادة أو يحلّق حوله المبدعون من أدباء
وشعراء ورسامين وغيرهم. ولقد ألهمت القهوة وطقوسها هؤلاء، فنجدها حاضرة في الجلسات
الثقافية، فمنذ نشأة بيوت القهوة والمقاهي وهي قبلة للحركات الفنية والأدبية
وملتقى للمثقفين، وما زالت تقاوم طمس معالمها إلى اليوم. ومن ثم أدركت العديد من
المكتبات إدراج هذه الثقافة داخل المباني المكتبية كخدمة من إحدى الخدمات التي
ينبغي مراعتها وذلك من خلال توفير القهوة ومشتقاتها والمشروبات في ساحات خاصة. وتاريخيا،
كانت السياسة المتبعة في معظم المكتبات هي عدم السماح بتوفير الطعام والشراب
والسبب الرئيس هو الضرر المحتمل للمقتنيات وانتشار الآفات التي التي تجذبها الفتات
والانسكابات. وعلى الرغم من ذلك، أعادت المكتبات النظر في سياستها وخدماتها لتعكس
احتياجات المجتمع وتوقعاته إدراكا منها بحاجيات المجتمع الجديدة والتي تتطلب منها تكيف سياساتها وخدماتها لتعكس هذه التغيرات،
وخاصة إذا كانت المكتبة مفتوحة لساعات طويلة من الدوام، فسيكون تقديم القهوة في
المكتبة خدمة رائعة حتى لا يضطر الباحثون والطلاب الذهاب إلى أماكن أخرى لتناول المشروبات. كما يوجد سبب آخر للنظر في
إضافة خدمات القهوة داخل المكتبات وخاصة الأكاديمية منها، وهو أن إعدادات المكتبة
الأكاديمية تميل إلى أن تكون مربكة للطلاب الجامعيين، وتوافر خدمة القهوة ستساعد
في جعل المكتبة بيئة أكثر راحة. كما ستوفر هذه الخدمة أيضًا مساحة لأعضاء هيئة
التدريس والطلاب للالتقاء معًا لتبادل الأفكار، وهذا يعكس استخدام المكتبة كمكان
للخطاب الفكري، بالإضافة إلى ذلك يمكن استخدام خدمة القهوة لترويج مقتنيات المكتبة
وخدماتها. كما ستعمل خدمة القهوة على زيادة قيمة المكتبة في الحرم الجامعي من خلال
زيادة عدد المستفيدين. ولكن هناك العديد من العوامل التي يجب أخدها بعين الاعتبار
قبل الشروع في تقديم خدمات القهوة داخل المكتبة.
العامل الأول هو تحديد ما إذا كان المستفيدون مقبلون باستمرار على خدمة
القهوة داخل المكتبة. ويقاس هذا العامل من خلال استطلاعات الرأي، أو استخدام مجموعات
التركيز والتي تدرس تفاعلات مجموعات مختلفة من المستفيدين من بيئات جغرافية مختلفة
ومعرفة انطباعتهم المحتملة تجاه هذه الخدمة. كما يوجد خيار آخر وهو دراسة المجتمع
الذي توجد به المكتبة، فإذا كان هناك العديد من المقاهي في المنطقة، فهذا مؤشر جيد
على أن المقهى سيحظى بشعبية في المكتبة. كما تعد مراقبة أنواع القهوة والأطعمة
التي توفرها المقاهي المحلية طريقة أخرى لتحديد ما يجب أن تقدمه المكتبة.
العامل الثاني : هو التمويل فالعديد
من المكتبات التي ترغب في تقديم خدمة القهوة غير قادرة على ذلك لأنها تفتقر إلى
التمويل اللازم. ويقترح في هذا الشأن تقديم خدمة القهوة إما عن طريق توفير : مقهى
كامل الخدمات، أو عربة قهوة / كشك، أو آلة بيع القهوة اعتمادًا على مقدار التمويل
والدعم المالي الذي يمكن أن تحصل عليه المكتبة.
العامل الثالث : يستند على الموقع المقدم منه خدمة القهوة داخل
المكتبة. فإذا اضطر الطلاب الابتعاد عن أقسام المكتبة التي يستخدمونها كثيرًا، فمن
المحتمل ألا يتم استخدام خدمة القهوة. إذا كانت المكتبة تقدم خدمة القهوة أو توسع
في سياسة الطعام والشراب، فيجب أن تفكر أيضًا في إنشاء غرفة للقراءة / الدراسة
بجوار خدمة القهوة، أو أن تكون هذه الغرفة منطقة مخصصة لتناول الطعام والشراب. وبنهاية
حديثنا السابق حول الأسباب التي دعت المكتبات إلى إدراج خدمات القهوة، يرجى الاطلاع بالوثيقة من
(ص ص. 10-12) سياسة مقهى مكتبة "U.N.I. Reed Public Library "
نماذج لمكتبات أجنبية
1. نموذج من المكتبات يقوم بتخصيص مساحات لتناول
المشروبات
قامت مكتبة مدرسة
ويستليك الثانوية في أوستن، تكساس، بإنشاء مركز تعليمي
لمجتمع المدرسة يشجع المعلمين والطلاب على التعاون والتواصل والمشاركة ؛ ولتحقيق
هذا الهدف صممت مكتبة ويستليك بجدران
زجاجية، مما يجعل المساحة شفافة، بالإضافة إلى تخصيص مساحة للمشروبات التي تشجع
المعلمين والطلاب على التجمع والمشاركة في التعلم المشترك.
2. نماذج للمقاهي داخل مباني المكتبات
قامت العديد من المكتبات (العامة
والأكاديمية) بإعادة تصميماتها الداخلية من خلال إدخال المقاهي ضمن مساحات
المكتبة، بهدف إنشاء جو أكثر راحة وجذب المزيد من المستفيدين لأغراض مختلفة. كما يضيف هذا التوجه
لاختصاصي المكتبات نظرة ثاقبة لما يجذب رواد المكتبة وتوسيع قاعدة مستفيدها
وتعزيزها كمساحة مجتمعية ؛ حيث لاحظت (جانيت وودوارد)، في كتابها بعنوان (إنشاء
مكتبة يحركها العميل) إلى أن استراتيجية المقهى كانت مفيدة بشكل خاص في جذب المزيد
من المستفيدين، وزيادة مدة الإقامة داخل المكتبات. علاوة على ذلك، يمثل إنشاء
المقاهي داخل المكتبة فرصة للتعاون بين المكتبات وشركات خدمات الطعام. ونجد على سبيل المثال، استضافة مكتبة جون ديفيس ويليامز التابعة لجامعة
ميسيسيبي مقهى ستاربكس لتوفير مساحة أكبر للطلاب للالتقاء بزملائهم، ومناقشة
المشاريع والأسئلة المتعلقة بالواجبات المنزلية، أو ببساطة لأخذ استراحة دراسية
وعدم الاضطرار إلى مغادرة مبنى المكتبة.
تضم أيضا
جامعة كارسون نيومان مقهى مابلز الموجود داخل الحرم الجامعي
الموجود بالمكتبة.
تستضيف مكتبة جامعة سامفورد مقهى أينشتاين المتخصص في المخبوزات والقهوة لتحسين بيئة التعلم وإثراء الحياة الثقافية في الحرم الجامعي.
مقال ممتاز
ردحذف